الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين.. أما بعد:
أختي المسلمة: هل تريدين السعادة؟ هل تريدين السكينة؟ هل تريدين الراحة والطمأنينة؟ هل تريدين الأمن والاستقرار؟ هل تريدين ذلك كله في الدنيا والآخرة؟
إن السعادة أختي المسلمة كلها في طاعة الله والسعادة كلها في السير على منهج الله وعلى طريقة رسول الله، قال تعالى: وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:71].
والشقاوة كلها في معصية الله والتعاسة كلها في غير منهج الله وغير منهج رسوله، قال تعالى: وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا [الأحزاب:36].
أختي المسلمة:
بصوت المحب المشفق وكلام الناصح المنذر أدعوك إلى تقوى الله عز وجل، ثم إني أدعوك مرة أخرى إلى أن تحمدي الله عز وجل الذي أنعم عليك بنعمة الإيمان ونعمة القرآن.
فكرّمك وطهّرك ورفع منزلتك أي رفعة، لم تُرفع منزلة المرأة تحت أي مظلة مثلما رُفعت تحت مظلة الإسلام.
ليس هذا فحسب بل خصّك بأحكام عديدة في كتابه الكريم في حين كانت المرأة قبل هذا الدين سلعة رخيصة ممتهنة كسقط المتاع، عار على وليّها وعار على أهلها وعار على مجتمعها الذي تعيش فيه.
ولذلك تُعامل أحيانًا كالبهيمة بل قد تفضل البهائم عليها. إنك أختي المسلمة لم تنالي عزك إلا في وسط هذا الدين فاستمسكي به واسمعي إلى قول الله عز وجل يوم يحكي ماضيًا لابد أن تتذكريه دائمًا لتحمدي الله أولا وآخرًا وظاهرًا وباطنًا على ما أنت فيه من نعمة وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (58) يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَ [النحل:59،58].
إنه ليئدها ويقتلها ويدفنها حيّة أحيانًا، ألا فاحمدي الله يا أخت الإسلام الذي هداك لهذا الدين وشرَّفك وأكرمك ورفع قدرك بهذا الدين يوم ضل غيرك من نساء العالمين، ثم استمسكي بحبل الله المتين فإنه الركن إن خانتك أركان، واعلمي أنك عُرضة لعذاب الله إن لم تخضعي لأوامر الله وتقفي عند حدوده وتجتنبي نواهيه.
أختي المسلمة:
إن أعداءك كُثُر وإن من يريد استغلالك لهدم الدين والحياء والفضيلة كُثُر كُثُر وقد يكونون من بني جلدتنا، يقول أحدهم لا تستقيم حالة الشرق إلا إذا رفعت الفتاة حجابها وغَطَّت به القرآن الكريم..! إنهم يريدون بذلك إخراجك إلى الشقاء والتعاسة.
يدعونك إلى جهنم فإن أجبتهم قذفوك بها، يريدون منك الخطوة الأولى وهي أصعب خطوة ومسافة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة.
يريدون أن تكوني فاجرة عاهرة سافرة، حاشاك ذلك، ينتظرون منك بفارغ الصبر أن تُلقي العباءة وتتخلصي من الحجاب ومن مستلزماته من الإيمان والحياء والطُهر ثم تتركي باقي الواجبات الأخرى ويومها تقرُّ أعينهم فيلعبون بك لعب الأطفال بالكرة.
ويعبثون بك عبث الكلاب بالجِيَف، حفظك الله منهم.. فما موقفك يا أمة الله من هؤلاء؟ إن الموقف المنتظر منك هو الاعتصام بدين الله والوقوف عند حدوده وعدم الاستجابة لهم، فأغيظيهم بعدم الالتفات إليهم والسماع لهم، اقتليهم حسرة بتمسكك بدينك وبتوفير حياءك وملازمة حجابك.
أختي المسلمة:
إن بعض النساء تتصور أن السفور هو كشف الوجه فقط، لا.. ليس هذا فقط، إن من السفور لبس الضيِّق، إن من السفور لبس العباءة الخفيفة الجذابة في منظرها أو لبسها على الكتف.
إن من السفور لبس القصير والخفيف من الملابس، إن من السفور لبس النقاب أو اللثام الواسع الذي يُظهر العينين وجزء كبير من الوجه، إن من السفور التعطر عند الخروج إلى الأماكن التي فيها الرجال.
إن من السفور لبس البنطلون، ألم تسمعي قول النبي {صنفان من أهل النار لم أرهما - وذكر- ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البُخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا و كذا} [رواه مسلم]...
قال أهل العلم: معنى كاسيات عاريات أنهن يلبسن ملابس لكنها قد تكون ضيِّقة أو شفافة أو غير ساترة لجميع الجسم.
ألا هل ترضين أن تكوني من أهل النار؟ هل ترضين أن تعرضي نفسك كما تُعرض السلع ليتعلق بك كل سافل وحقير؟ لا. يا فتاة الإسلام لا أضنك ترضين ولن ترضي بذلك وهذا هو المأمول منك.
أختي المسلمة:
حصنك الحصين دينك العظيم يحافظ على عفَّتك وعلى حياءك وعلى فضيلتك، يأمرك بالحجاب والاحتشام، متى ماتركت هذا الأمر كنت عُرضة لعذاب الله في الآخرة.
وفي الدنيا عرضة للذئاب البشرية التي تريد عفافك الذي به تشرفين، تريد أن تفجعك بعفافك لتتجرعي الغُصص مدى الحياة، ولكن بعض الأخوات هداهن الله يسمعن لنداء الذئاب ويسعين لهم حالهن كقول الشاعر:
قطيع يساق إلى حتفه * * * ويمشي ويهتف للجازرين
أختي المسلمة:
يا من آمنت بالله ويا من سجدت لله ويا من استترت بستر الله. حذارِ حذارِ من السقوط فإن السقوط إلى النار وبئس القرار، وحذارِ من التشبه بالكافرات فإن من تشبه بقوم فهو منهم...
أنت أختي المسلمة قمة وأنت فضيلة وأنت طُهر، قمة بالقرآن وفضيلة بالإيمان وطُهر بتمسكك بهذا الدين، فكيف تَتشبّه القمّة بالسافلة وكيف تتشبه الفضيلة بالرذيلة وكيف يتشبه الطُهر بالنجس.
أختي المسلمة:
إننا والله لنعجب من أذن تسمع قول رسول الله {صنفان من أهل النار.. الحديث}.
ثم لا نزال نرى في بعض المسلمات هداهن الله، من تلبس الضيِّق وتلبس الشفاف وتكشف الوجه وبعض المفاتن، وبعضهن تجمع الحشف وسوء الكيل فتلبس القصير والضيِّق والشفاف.
فيا أيتها المسلمة المُصلِّية الساجدة يا من خضع رأسك للحي القيوم وخشع له سمعك وبصرك ألا يكفيك زاجرًا حديث رسول الله المذكور آنفًا {صنفان من أهل النار.. الحديث}.
والله إنه وعيد شديد وزجرُ أليم لو صُب على الجبال الراسيات لأذابها، فأي شيء أعظم من الحرمان من الخلود في جنات النعيم والبقاء في دركات الجحيم.
أختي المسلمة:
راقبي الله وقومي بما أوجب عليك من تكاليف وإذا قسى قلبك فتذكري كربًا بيد سواك لا تدرين متى يغشاك إنه الموت الذي لابد منه كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ [آل عمران:185].
تذكري يا أمة الله يوم توضعين في قبرك في تلك الحفرة الضيّقة في تلك الحفرة المظلمة الموحشة، وتذكري إذا نُفخ في الصور وجُمعتي مع الخلائق حافية عارية ذاهلة قد دنت الشمس منك قدر ميل، ونوديتي باسمك من بين الخلائق للحساب، ماحالك عندها يا أمة الله؟ أين عُدتك أيتها الغافلة؟
كم في كتابك من زلل وكم في عملك من خلل؟ هل ستنفع حينئذ الأزياء والموديلات؟
هل ستنفع الأغاني والمسلسلات؟ والأفلام والمجلات؟ هل ستنفع الجواهر والمجوهرات؟ لا والله لن ينفع شيئًا من ذلك أبدًا إنما الذي سينفع في هذا الموقف هو الحسنات والأعمال الصالحات بعد رحمة رب الأرض والسماوات.
ألا فاتقي الله يا ابنة الإسلام، اتقي الله يا من تخرجين إلى الأسواق متبرجة سافرة، اتقي الله يا من تلبسين العباءة للزينة لا للستر والعفاف.
اتقي الله وصوني نفسك من أن تكوني ألعوبة في أيدي ضعاف الإيمان، اتقي الله يا من تخالطين الرجال، اتقي الله يا من تخرجين مع الرجل الذي ليس بمحرم لك كالسائق وغيره، اتقي الله يا من تختلين بغير محرم، {ما خلى رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما}.
اتقي الله يا من تُربين أبناءك تربية البهائم فلا تُذكّريهم بالله ولا تعظيهم ولا تدليهم على ما ينفعهم في الدنيا والآخرة، اتقي الله وارجعي إلى الهدى قبل يوم تتقلب فيه القلوب والأبصار واعلمي أن عذاب الله شديد وإنك والله لأعجز من أن تُطيقي عذاب النار.
إن الجبال لو سُيّرت بالنار لذابت من شدة حرّها فأين أنت أيتها الضعيفة من الجبال الشم الراسيات، إنك تصبرين على الجوع والعطش. وتصبرين على الضُرّ وعلى التكاليف لكن والله الذي لا إله إلا هو لا صبر لك على النار..
ألا فأنقذي نفسك من النار قبل فوات الأوان، واعلمي أن الدنيا ممر والآخرة هي المقر وأن الفضيحة أمام الأولين والآخرين عظيمة فاتقي الله ثم اتقي الله يا أمة الله، وفقك الله لما يحب ويرضى ونفعك بما تسمعين وتقرأين وجعله حجة لك لا حجة عليك.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين.
الكاتب: علي بن عبدالخالق القرني
المصدر: موقع كلمات